عندما نستحضر من ذاكرة السينما السورية الأسماء اللامعة، والمؤسسة، فلا بد لنا من التوقف مليا عند اسم نادر الأتاسي،
الذي سطر باسمه صفحات في السينما السورية، فهذا الرجل، الذي أولع بالسينما، وعمل بها، منتجاً وصاحب صالات، كان صاحب إسهامات كبيرة في السينما السورية، وقد قدم خلال فترة عمره الطويلة في السينما الكثير من الأعمال.
نادر بيك الأتاسي هو الذي أنتج كل المشاريع السينمائية للرحابنة ونقلها من المسرح للشاشة الكبيرة، كذلك فعل مع مشاريع الفنان دريد لحام الذي أنتج له معظم أعماله في السينما. هو مهندس، أحب السينما وأولع بها، فأقدم على العديد من المغامرات السينمائية الهامة في عمله، ليس آخرها، قيامه بتجديد صالة سينما دمشق في قلب العاصمة، لتكون مجمعاً سينمائياً، يعد من أفضل صالات السينما في سورية، إضافة إلى إنتاج فيلم سيلينا، في وقت عز فيه الإنتاج السينمائي لدى القطاع الخاص. هذا الفيلم, راوده حلم إنتاجه منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما شاهد المسرحية في بيروت, ورغب من حينها في إنتاج المسرحية في فيلم سينمائي إلى أن تحقق له ذلك بعد سنوات طوال.
هذا المنتج الكبير يملك في سجله أفلام السيدة فيروز: بنت الحارس- سفر برلك - بياع الخواتم, كذلك فقد أنتج للفنان الكبير دريد لحام: الحدود- التقرير -كفرون, وأخيرا أنتج مسرحية هالة والملك للأخوين رحباني، في فيلم استعراضي من إخراج حاتم علي باسم سيلينا. ولم يقف نشاطه عند حدود السينما، فأنتج للتلفزيون مسلسل (الملاك الثائر) الذي يتناول قصة حياة جبران خليل جبران. عن سبب إنتاجه سيلينا يقول الأتاسي: «ان كل مشاهد سوف يجد شيئاً يخصه في هذا الفيلم ويضيف منذ أن رأيت مسرحية «هالة والملك» وأنا أتمنى أن أراها فيلماً سينمائياً غنائياً كبيراً ومن أجل هذه الأمنية فاتحت الرحابنة بالأمر منذ ثلاثين سنة ولكن الظروف كانت دائماً تحول دون ذلك وفي العام الماضي كتب منصور غدي الرحباني سيناريو هذا الفيلم فأرسلته إلى المخرج حاتم علي في المغرب وقلت أنا متمسك بهذا السيناريو ومتمسك بالفنانة الشابة ميريام فارس بطلة للفيلم، فقال لي أمهلني عدة أيام وبعدها جاء وقال إن السيناريو ممتاز ولا يحتاج إلى تعديل وميريام اختيار موفق، ووصف الأتاسي الفنانة فارس بالذكية والمستمعة بشكل جيد والمتحمسة للعمل من دون أي شروط ويؤكد أنه راقبها فترة طويلة حتى وصل إلى قناعة أنها أنسب من يلعب دور «هالة» التي سبق أن لعبته السيدة فيروز، واللقاء مع نادر الأتاسي كان فرصة لسؤاله عن حال السينما السورية فقال: أرى أن الإنتاج يجب أن يزداد في هذه الفترة وأنا لست ضد أن تظهر أعمال ليست على مستوى فني عال في البداية لأنها ستكون الطريق لأعمال أخرى أكثر قيمة ويبدو أن الأتاسي متفائل بمستقبل السينما في سورية. هذا الرجل الذي بدأ يقترب من التسعين ومع ذلك ظل محافظاً على وفائه لحلم قديم عمره أكثر من ثلاثين سنة يستحق الاحترام ورفع القبعة، وهو الذي نقل للشاشة الكبيرة الكثير من المشاريع السينمائية الجميلة والراقية. وستبقى مغامراته السينمائية النادرة كما اسمه نبراسا لعشاق فن السينما الحقيقي، ينهلون منه معنى الحب والتفاني في تقديم الجهد لما فيه خير السينما السورية.